الثلاثاء، 19 أكتوبر 2010
زاوية باريسية
فرنسا - باريس ١٨، أكتوبر ٢٠١٠
في الشارع، فصل الخريف ممزوج بألوان الطبيعة، وتقلبات الطقس، وغطاء السماء، غيم، مطر، شمس، سحاب. مررت في زقاق ملامحه عربية، حجاب، دخان، عيون تبحث في الشارع عن مرآة، سلمت على أحد المارة، رد التحية بغبطة وشيء من الاستغراب، فملامح وجهي ليست افريقية، وذلك لأكثرية العرب من الجزائر تونس والمغرب العربي، ونبرة صوتي لا تدل على استعمار فرنسي سابق.
في الشارع، فصل الخريف ممزوج بألوان الطبيعة، وتقلبات الطقس، وغطاء السماء، غيم، مطر، شمس، سحاب. مررت في زقاق ملامحه عربية، حجاب، دخان، عيون تبحث في الشارع عن مرآة، سلمت على أحد المارة، رد التحية بغبطة وشيء من الاستغراب، فملامح وجهي ليست افريقية، وذلك لأكثرية العرب من الجزائر تونس والمغرب العربي، ونبرة صوتي لا تدل على استعمار فرنسي سابق.
عامل مغربي (على الأرجح، لا أفرق بين اللكنات) في محادثة دافئة مع صديقه، صورت مشهداً مع نفسي، مبني على كلمتين، شرطة وأمل، نظر للسماء، وكأنه يشكو لله الحال، شرطة، إن كانت أوراق هجرته ليست كاملة، وغير شرعية، أمل، إن كان حائراً بين مفهوم الأمل والألم، قاطعتهم، وسألتهم، عن اتجاه المحطة(La Defence) أشاروا من هذا الطريق، وتحدثوا معي بلغة ممزوجة أكثرها حرف الغين، قلت أنا عربي، ابتسموا، وأعادوا الكلمات ببطئ، شكرتهم، وودعتهم وأنا أدعو لهم بسلام.
في القطار، لا شيء يذكر، تتشابه الملامح، تختلف الألوان، هذا يحمل حقيبة دراسية، وآخر رياضية، وهذه تحمل شنطة نسائية(مليئة بالمساحيق التجميلة، وما يخص النساء) شاب مشغول في هاتفه الآيفون، وامرأة تقرأ رواية، وصوت القطار يدغدغ أذنك، كلحن مزعج، توافق للاستماع له دون ضجر.
في المقهى، تشير الساعة العاشرة صباحاً، الشمس تتنافس مع برودة الطقس، اجلس مع الدقائق بجانب نافذة تطل على الشارع، العاملين فيه، متحمسون، يخدمون الزبائن بسرعة، كأنهم في تمرين رياضي محدد بوقت زمني ينتهي فيه، اقرأ كتاباً في الأدب، لم يدعني أنهي ثلاث صفحات منه، حتى مزقت آخر صفحة فيه، كالعادة، لأكتب، ما دق بقلبي كجرس كنيسة قديمة يوم الأحد، وقفز في عقلي كشرار نار مشتعلة في صدر الشتاء، بعد أول شرفة قهوة، تنفست شراييني هذا الصباح، وانتفضتُ.
تنظر نحوي إمرأة مع زوجها، وكأنهما يقولان في نفس اللحظة، هذا مجنونٌ آخر، شكله غريب، من كوكب الأقلام، وكُتاب اليوميات الطارئة، ابتسمت لهما، وقلت في سري، نعم أظن أني واحد منهم، ألديكم دواء؟ يوقف هديل الحمام في رأسي، وسحابة ممطرة تسقي روحي، ألديكم ما يجمد فضاء تفكيري؟
انخرطتُ وأنا اكتب، في لحنٍ موسيقي، اسمه العقل الجميل، يحفزني، لأتنقل بين السطور منتشياً، وكأني في حفل أوركسترا، يسرقني اللحن، يأخذني معه، ويرجعني إليّ، يرفعني ويهبط بي، يدعني أسرح، أتجمد هناك، يوقظ موقف في الذاكرة، كل ذلك وأنا اكتب، شعور وأنا اطبع كلماتي على لوحة مفاتيح الحاسوب، كأني اعزف على آلة البيانو، منشغل في جلب تفاصيل الفكرة،أتوقف برهة، أُرقص أصابعي، وأعود مندمجاً مع سحابة إلهام تزورني، أكمل ما يُمليه روحي عليّ، عن طريق قلبي، وصولاً لذهني، خروجاً لسطرٍ مفتخرٍ بانتهاء جملة جميلة عليه، كأن النقطة هي آخر زر من أزار قميص سهرة، تستعد بعدها لتهتم بالآتي، عطرٌ، ساعة يد باهظة الثمن، وأربع ابتسامات تهديها لنفسك في المرآة، وترحل بعدها لفقرة آخرى، كمشهد تمثل فيه أدوار اللحظات من يوميات حياتك.
الجميل في باريس، أنك تمشي للأمام، دون التفكير للرجوع خطوة للخلف، تستكشف في كل مرة شيئاً جديداً، محلات، ماركات، مقهى مزدحم، وفجأة يتحول لمطعم في أوقات الوجبات الرسمية، لديهم احترام الوقت في المواصلات، وتقدير للمساحات، هناك سلبيات، لكنك لست بناقد، بل عين تبحث عن الجمال في كل المدن العالمية. الشانزلزيه، لن أكتب عنه، لن تنتهي، فقد تؤلف كتاب خاص بما يوجد فيه، لكن ما يلفت الأنظار، وجود السفارة القطرية جالسة على رأس الشارع، وكأنه وشم لا يريدُ أن يزول، اختصر باريس بأنها مدينة مستعجلة، لا هدوء فيها، إلا وأنت تأخذ حمامك الساخن في آخر اليوم.
عبدالعزيز دلول
"ابحث عني أين ما تشاء، وأنا أبحث عن وطن يعترفُ بي حيث ما أشاء"
*شكراً لقراءتك زاويتي الفرنسية، كم أحب قراءة ما شعرت به في هذه المقالة.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)

كم أحببت تلك الزاويه
ردحذفجميله جداً
...
دعهم يتحدثون ربما لأنهم لايعلمو من انت لذلك يتحدثو
ومن لايعلمك يجهلك
بفإن قرأو لو شيئاً واحد لك سيتراجعو بقولهم هذا
دمت مبدعاً مشرقاً كصفاء الشمس
لاتتوقف..استمر
يقال بان لباريس حضور مميز فروائح العطور وسماعك لعزف البيانو وانت ترتشف فنجان القهوة
ردحذفولحرف الغين ايضا
كلها اجتمعت لتكون عاصمة الجمال باريس كل التفاصيل الكبيرة والصغيرة مدعاة للتامل للاستكشاف الشوارع المارة المهاجرين المنتشرين المصنفين والغير مصنفين
الباريسين الاصليين وحب التفرد
سماء والغروب والشروق واصوات العصافير
الحدائق والاشجار
كل مدينة تمنحك مالا تمنحك اياه غيرها
لم ازرها من قبل ولكنى زرتها باحساسك وبما التقطت عيناك لتنقله لنا بقلمك
دمت بكل خير
أحتار كيف أعبّر ..
ردحذفكل كلماتك زاهية
تختال بـ فخر لتنقل أعظم و أجمل المعانيأستمتع بقرائتها ، شعرتُ أنني في باريس
مع أني لم أرها من قبل ..!رائعة تلكَ الصورة الخيالية في هذه الجزئية من النص
" كأن النقطة هي آخر زر من أزار قميص سهرة، تستعد بعدها لتهتم بالآتي، عطرٌ، ساعة يد باهظة الثمن، وأربع ابتسامات تهديها لنفسك في المرآة، وترحل بعدها لفقرة آخرى، كمشهد تمثل فيه أدوار اللحظات من يوميات حياتك. "
أحببتها فعلاًيعطيك العافية
:) احترتِ مما
ردحذفBeautiful ,,, you are an amazing man
ردحذفلقد عشت هذه الزاوية و كأنني هناك حقاً أشكركللعلم : عطري المفضل فرنسي ^_^