لقد عمل نهاراً، وكد ليلاً، وأعرض عن اللعب، ونبذ المتع، وقرأ العديد من الكتب، وتعلم أشياء كثيرة، وشق طريقه إلى الأمام واستحق النجاح... وبرغم المشقة التي لاقاها وإيمانه وكده، عندما حقق النجاح قال الناس إنه الحظّ ~ مجهول

أرحب بك في موقع الرسمي
www.azizdalloul.com

الاثنين، 25 أكتوبر 2010

قمرُ باريس



قمرُ الشتاء باردٌ، لا يسعني أن أراه إلا من خلف النافذة البيضاء، المطلة على الشارع من زاوية توضح معالم الطريق، السحاب يضايق صفاء السماء، ويحجب أعين الناس لرؤية إكتمال بدر القمر، بكامل لباسه الليلة، لكنه خجول، فقمري اليوم لا هو حاضر، ولا هو غائب.

كتبتُ فيك نصاً ومسحته عمداً، فهو لا يليق ولا يناسب مقاساتك العاطفية، تخاطرتُ مع نفسي عنك جهراً، وزادت نبضاتُ قلبي شوقاً لهمساتك الجنونية، ابتسمتُ لوجهك في ذهني صورة عالقة جداً، فهبط المطر وتلاشت ألوانك، قطع النادل صورتك، بإحضاره القهوة الفرنسية.

تنفستُ عميقاً، بحثاً، لأستنشق بعضاً من عطرك المفضل لدي، لم أجدك، في شارع يضج بالعاشقين، المدمنين للقهوة، لها طعم يشبه أنفاس الفجر، وهناك مشروبات آخرى محرمة، في ذلك الركن، وتلك الزاوية التي كنا نلتقي فيها بخيال الكلمة معاً كحمامتين، نزورها في منتصف كل شهر، احتفالاً بالقمر، أين القمر؟ اخلف موعده 

تداعبني باريس في ليلتها القمرية، أسمهان مشغولة اليوم، لن تأتي على موعدك المعطر، اشرب قهوتك تحت قمري، ولا تبتعد في خيالك كثيراً، ابق في محتوى كلماتك، لا تنفعل، وحافظ على ابتسامتك، وأكمل النص.

أسامر حلمي هذه الليلة قليلاً، يشبه كرة من خيوط القطن، يحتاج حياكة وجهد، كن واقعياً، وامسك طرف الخيط، وابدأ العمل، واصنع ما يدفئ جسدك، فالطقس بارد. هذه الوردة الحمراء، أود أن أهديها لعاملة المقهى، تشجيعاً لجهودها في توزيع ابتساماتها الصادقة أو الكاذبة، لا يهمني، فالوردة تستحقها أنثى، لها شعرٌ طويل، وعينين عسليتين، وأنف صغير، وخدين مستعدين لقبلة خاطفة، مرسلة في الهواء، وشفتان تحدثان كارثة، إلى آخره إلى آخره

ملامح الذكرى تعيدُ روحي لنفسي مرتين مرتين، لأنهي فنجان قهوتي، بسرعة، وأطلبُ فنجاناً آخر، لأستمر، وأستمر، في حقن المشهد جرعة مخدرة آخرى، وأنتهز الفرصة لأقبلك ببطئ، ببطئ، صورتك الأجمل في ذهني، خدك المستدير كبدر الربيع، لا ذنب لي  بتقبيل خدك الأيسر مرة آخرى، فخطايا الخيال ملغاة، وجنون التعبير استسلم للهذيان المحرم، وأنا أستعجل الوقت، لأن الموعد انتهى صلاحيته، فلم يظهر قمرُ الشتاء البارد بعد، هل سقط؟ 

أما أنت يا أسمهان فاذهبي للمقهى، وأسألي النادلة عن الوردة الحمراء، ستقول لك أن عاشقين غادرا المقهى فرحين حباً، ونسيا الوردة سهواً، ولم يعودا، فلم تكن لي، ولا لك، فقد كنت أنا فقط، وفنجانين قهوة، وكوب ماء


هناك 3 تعليقات:

  1. رائعه جداً
    راقت لي تلك الكلمات
    وأشعر بأنها تخرج من قلب (شفاف-رائع) ماذا فعلتي يااسمهان بعبدالعزيز !!
    ياويلتاه
    دمت مبدعاً


    لاتتوقف/استمر

    ردحذف
  2. ايقن فى كل مرة امر بهذا البراح بان التفاؤل يسكننى من جديد

    هنيئا القهوة يا باسم :)

    ردحذف
  3. إحساس مرهف رقيق 
    حنون و دافئ

    لقد تذوقت تلك القهوة ، فهي طيبة المذاق و لكنها من العيار الثقيل سحرت بكتيريا عقلي أنا

    دُمت جميلاً بروحك و عقلك

    ردحذف