السبت، 17 مارس 2012
رسائل وطنية (٣) من غزة
منذ مدة قصيرة، عائشة - إنسانة مسلمة عربية جزائرية - تزور الوطن، تنبهر، تندهش، ولأول مرة في حياتها التي مضتها في فرنسا، تتنفس رائحة الحرية - غزة - قلبت جميع المعادلات الحسابية السياسية والإخبارية في رأسها، انعشت قلبها، أثارت روحها، قبَّلت وجه الحقيقة... سألتها كيف حال وطني؟ ركضت بأجوبتها، وكأنني فتحتُ لها باباً لحرية التعبير، كأنني أهديتُ طفلة حلوى تحبها، هي تُجيب بعفوية، وأنا أكتب بأشد عفوية لأترجم شعور صادق، ممزوجة بمعدلات عواطفي لرؤية وكتابة موطني، وها أنا أكتبه عن بُعد!

جنة يا عبدالعزيز، قطعة من هناك، قابلتُ عقولاً من شباب غزاوي أبكاني، جدتي تبتسم! وجدي كالحصان يتمشى كالملك، الأطفال فرسان، تُقبل الأرض أقدامهم، الطعام بسيط لكنه غني، زيتون، وطماطم، ورغيف خبز، نعمة.. أتصدق يا عزيز، كنتُ أنام في منزلي البعيد بكل طمأنينة، لكن في قلب قطاع غزة المحاصر، ولأول مرة أشم رائحة الحرية، وأتذوق طعم الفاكهة والخضار الحقيقي!
يا عبدالعزيز، لا أبالغ، هي أرض مباركة بالفعل، وبحرها، رأيت البحر الأبيض في تركيا، المغرب العربي، مصر، وكل أنحاء أوروبا، لكنني لم أرى جمالاً للبحر الأبيض كما هو من على شاطئ غزة - تتنهد عائشة - وأنا أتنهدُ ضعفها، آآه غزة..
غزة تعيش حصاراً، ظلماً، ألماً، وصعوبة في التعايش، إلا أنهم أبدعوا في العيش جداً، لستُ مستوعبة ما شاهدته وعشته هناك حتى اللحظة، وكأنني كنتُ في حلمٍ أيقظني لحلمٍ آخر.. عمداً لم أذهب مع أي قافلة للحرية، كي لا أشعر أني غريبة في غزة، أو توجهي إلى هناك بدافع الزيارة كصدقة، أو تصوير معاناة الشعب الفلسطيني، الألم لا يُصور يا عبدالعزيز!! لا يُصور..
ذهبتُ بشكل مختلف، لأشعر أني غزاوية، تقمصتُ شخصية المجاهدين، تنفستُ رائحة المترو باص، شممتُ رائحة الإرادة، والصبر، والقوة.. أتعلم.. اكتشفت أن أهل غزة ليسوا بحاجة لنا، نحنُ نحنُ بحاجة إليهم جداً، العالم بأكملة بأجمعه يحتاج ليشبع نفسه وضميره بغزة وشعبها.. - أكملي يا عائشة..
- لا أستطيع، فقلبي يدق بسرعة وأنا أتحدث إليك عن غزة، والصور في ذهني كرصاصات تخترق الذاكرة،سأرسل لك صوراً التقطتها هناك، لتتحدث أكثر عني.. عزيز، دعواتك لي، فأنا على الفراش، بعد عملية جراحية، دعواتك يا صديقي..
لا أعرف كيف أنهي هذا الحوار، هذه القصة، لكنني....................................
إجابات من خلال سؤال برسائل عبر الفيس بوك، تحولت لقصة مُعبرة..
- قصة: عائشة سيد " أدعو لها بالشفاء"
- قلم: عبدالعزيز دلول، وإضافات بسيطة تهز المخيلة والعاطفة
رسائل من الوطن | الجزء الأول | الجزء الثاني
لتكتشف الحقيقة لا بُد أن تعيش غزة..
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)




ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق