لقد عمل نهاراً، وكد ليلاً، وأعرض عن اللعب، ونبذ المتع، وقرأ العديد من الكتب، وتعلم أشياء كثيرة، وشق طريقه إلى الأمام واستحق النجاح... وبرغم المشقة التي لاقاها وإيمانه وكده، عندما حقق النجاح قال الناس إنه الحظّ ~ مجهول

أرحب بك في موقع الرسمي
www.azizdalloul.com

الأحد، 3 يونيو 2012

قصة قصيرة | حلمٌ وحكاية


فتحتُ عيني، تحسستُ جسدي، وكأني من على سرير الملوك استيقظتُ، بهدوء ودعوة لله أن يسعدني بهذا اليوم ككل يوم، مسكتُ كتاباً بسرعة، وخرجتُ إلى موعدٍ مع قدح قهوة، أتلذذُ به ويتلذذُ بي وبكتاب يرافقني، غرقتُ مع الكاتب والكتاب، وامتلأت مفكرتي المحررة من دفتر؛ عادة أكتب حين أقرأ في ورق أبيض، منفصل عن دفتر، غير مسطر لأعطي مساحة حرية للأفكار..
منذ عهد لم أحظَ بوقت هادئ مع نفسي، أن أقرأ دون انقطاع، ولا هاتف يهزُ انتباهي ويقطع حبل الخيال - تركته في المنزل - ولا شخص يسلم عليَّ بسخونة، ويمسك يدي حتى تتعرق، واستأذنه بسحب يدي بكل أدب واحترام. بعض المقاطعات فرصة لقراءة معاني جديدة في الحياة بالنسبة لك، يعد بعضها نعمة من الله لتحصل على فائدة أو ترتيب فكرة ما، وفي الناحية الأخرى بعضها يعد سرقة للوقت.

ها هو اليوم يستضيفني بالأحضان، انهيتُ الكتاب في ساعتين متواصلتين فترة الظهيرة، القهوة وجدت مأوى في دمي وذهني وارتحتُ، والكتابُ كان وجبة الغداء.. 
تمعنتُ أحداثَ الأمسِ وربطها بخيوط اليوم، اتهمتني نفسي بعدة أخطاء، فصححتها وكتبتُ رسال اعتذار لصاحب الحق والبيان، لاحظتُ أن المقهى مختلف، وجوه مريحة ومستريحة، وقلوب تبتسم وصريحة الملامح، بالنور والشوق والحنين، امرأة تداعب طفلتيها، رجلٌ - عربي - يقرأ في كتاب، وذاك يقنع صاحبه باستثمار أمواله في مشروعٍ ما، وشابٌ مشغولٌ يغازل نفسه بالهاتف، وامرأتين تتفاعلان مع قضايا الحياة، واضحةٌ هي لغة الجسد في الإنسان، محظوظٌ من يقرأ لغة العواطف والأفكار، وأحياناً تكون موجعة. 

اشتقتُ للكتابة فجأة، حين تثور العواطف، وتنفعل نبضاتُ القلبِ، وتغلي المفردات في الرأس، تُتمتمها بشفتيك ببرود، حتى تكتشف أنك مستعد لحالة كتابة! وإن مرت وتلاشت فكرة الكتابة، ستشعر بالندم طوال اليوم، فرب حرفٍ ألصقتا بحروف، ولدت كلمات تبتسم لك كالأطفال، الكتابة تشعرك بأنك أب وأم ترعى أطفالك (مفرداتك) ورأس مال الصرف من المال هو القراءة، فحين تقرأ، تكتبُ صورة إنفعال داخلي أنيق يليق بمقام اللغة المهذبة. 

قصة هدوء اليوم، وشغف القراءة، جاءت بعد أن كنتُ في حلمٍ بالبارحة، مع عظماء الكتابة والشعراء "أدونيس، درويش، نيرودا، محفوظ، وقباني، وجبران، ومي زيادة، وجويدة... وملامحُ أخرى كثيرة أعرفهم ولا يعرفونني " كنتُ أردد في نفسي بداخل الحلم، هل هذا حلمٌ يغازل حلم؟ أم واقعٌ يعيشُ حلماً؟ ... كانت التفاصيل عن طقوس الكتابة، وزوايا الملاحظة، ودقة الوصف، ولغة الشعر القصصي، وحكاية الموسيقى ورقص المفردات، وتشبيه المجاز، وعمق الروح في انسجام الأرواح.

حضروا كلهم في حلمي، وكنتُ أنا من يُعد القهوة لهم، وأسترقُ السمع وأدون الملاحظات، حتى لمحني درويش وقال لي، ماذا تضع في القهوة؟ قلتُ: سُكرْ، وماء ورد!.. فضحكوا بقهقهة ملوك العصر، وفرسان معارك الأحصنة السوداء! (الخيال)... أعدُّوا جيوشاً بلغتهم ليغزو روح قلب وعقل من قرأ لهم، هم أساطير اللغة العصرية، وأحصنة لجيل فرسان الماضي والحاضر المشتعل بالثقافة الحيّة..


ما زال لليوم بقية، وللكتابة حكاية إنسانْ.. 






* اترك تعليقاً لأعرف أين بالخيال وصلت.. شكراً لوقتك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق