لقد عمل نهاراً، وكد ليلاً، وأعرض عن اللعب، ونبذ المتع، وقرأ العديد من الكتب، وتعلم أشياء كثيرة، وشق طريقه إلى الأمام واستحق النجاح... وبرغم المشقة التي لاقاها وإيمانه وكده، عندما حقق النجاح قال الناس إنه الحظّ ~ مجهول

أرحب بك في موقع الرسمي
www.azizdalloul.com

الاثنين، 6 يونيو 2011

مقتطفة ١٣٥ - لا تحبك أنت

هي لا تحبك أنت..يعجبها مجازك..أنت شاعرها، وهذا كل ما في الأمر! ~محمود درويش


هي في يوم ما، سيكتشفها العابرون على حروفك جالسة، تشرب قهوتك التي نسيتها، إنشغالاً بلغتك، هي مستئنسة، لا تريد منك شيء، بل جميع أشيائك، وأغراضك، تحمل مسدساً عياره ثقيل، للتصويب على كل من مر ليجلس بجانبها، من كلا الجنسين سواء، أنت شاعرها، والغيرة مهنة حواء، لا تحبك أنت، بل تعيشك، لا يستهويها قربك، تحتاجك أبعد، لتمارس لعبة كي الشوق لحظة بلحظة.


تذهب أنت لتأخذ قسطاً من الراحة، وهي ما زالت مستيقظة متيقظة منتبهه متفاعلة مع كل نبضة من نبضات قلبك - تحيا بك - هي فعلاً غرقت في محيطك الهادي، المزاجي، الإنفعالي، الغائب والحاضر، والساكن الراحل، القريب والبعيد.


هي رواية من رواياتك الحقيقية الفانتازية في مصنع ألوانك، خيالك، كتبت خيالاً؟ ستجد كلماتك حاضرة وواقعية يوما ما، بزاوية ما، في بلدٍ ما...تُهدأ نفسك، تسيطر على اللحظات التي بين يديك- متعجب أنت تماماً - لا يمكن للحروف أن تظهر بلباس الواقع - لم تكن تتوقع؟ - هناك لبس ما، تهرب للتواليت، الماء البارد يوقظك، تفتح عينيك، تدقق على وجهك، هل أنت في حلم؟ تضع بعضاً من كلونيا الحلاقة تحت أنفك، تتنفس، تتنفس، وتعود إلى قصتك حريصاً من أن تكتب خيالاً!


تكتب سطراً، ترتجف يداها، تشعر بضغط في الأذن - كروح صعدت جبلاً عالي - أنت لا تفهم، ولا تعي، ولا تنتبه، ولا تتكلم، تكتب، وتكتب، وتمارس طبيعتك، وعندما تأتي لشرب قهوتك، تجدها فرغت - تتعجب - تهبط هي من سطر تعلقت فيه حد الإدمان المرهق، وتسألك عند آخر نقطة في نصك النثري الغريب..
- هل أنت شاعر؟
- تنفي ذلك غير مكترث..
- أتكتب لحن الطبيعة؟
- تهز كتفيك وترد: أعرف فقط فائدة القلم، وأكتب ما يجول بخاطري حراً طليقاً، وأحياناً بحذر
- أنت مختلف؟
- تنظر بجهة الشباك، تسرح في تطريزة قماشة الستارة، وترد: أحب الألوان الداكنة!
- لا تعتقد أني أحبك، أذكر أني قرأت كلمات للشاعر محمود درويش قال فيها: "يعجبها مجازك، أنت شاعرها، هذا كل ما في الأمر!"
- حقاً..هذا مثير..الشعراء لا يحبون الحب لحقيقته فقط، بل يعشقون توهمه أحياناً، يعرفون أن كلماتهم تغازل خيالهم ليرضى بها، يرضخ لها الواقع ويصدقها، فالواقع مختلف غالباً..هل ستبقين جالسة هنا؟
- أيضايقك؟
- يسعدني صمتك!

تنتهي من إعداد قهوتك الثانية، لمساء الصباح، ربما تعيد رائحتها لك مهارة الكتابة التي فقدتها عمداً، أو تنسيك قصة "هي" التي تتبعك كأنها ظلك، أو ملاك يحرس قدر الهواء المخصص لك، تجلس لتكمل سطراً علقت فيه كلمة واحدة، تجلس هي أمامك، وعلى شعرها وردة بيضاء فوق أذنها اليمنى، تراقبك وتبدي إعجابها بصمت، تسمع كلامك أنت، تتورد وجنتيها، فتركيبة مفرداتك تبهجها، أنت شاعرها، هذا كل ما في الأمر، تحييها بحرفك، يقتلها صمتك وأنت تكتب، تنتهي من نثرك، تبتسم لنفسك، تشكر خيالك، وتقفل السطر.

هناك 5 تعليقات:

  1. هل ستبقين جالسة هنا؟
    - أيضايقك؟
    - يسعدني صمتك!

    أحببتها جداً وكالعادة ، سأعيد قرااءتها !
    دمتَ بود
    Deema

    ردحذف
  2. ممتع، ممتع جداً

    ردحذف
  3. جميل جداً أخ عبد العزيز

    أحييك دائماً ..وأعترف بإعجابي بهذا النص الجميل المترقرق بعيون الأثير الخجول


    لك تحياتي وتقديري :)


    شفاء حجازي

    ردحذف
  4. رائــعة هيَ فوضى الحواس .. 

    ردحذف
  5. اكثر من رائعه

    ردحذف