لقد عمل نهاراً، وكد ليلاً، وأعرض عن اللعب، ونبذ المتع، وقرأ العديد من الكتب، وتعلم أشياء كثيرة، وشق طريقه إلى الأمام واستحق النجاح... وبرغم المشقة التي لاقاها وإيمانه وكده، عندما حقق النجاح قال الناس إنه الحظّ ~ مجهول

أرحب بك في موقع الرسمي
www.azizdalloul.com

السبت، 7 فبراير 2009

أحبك جدتي



جدتي مرحباً

جدتي وداعاً

جدتي..جدتي

مؤلمٌ إن رحلتي

صعبٌ جداً أن لا أبكي

محزنٌ أن لا أراكِ بعد اليوم،،

تدمع عيني الآن قبل أن أكتب ما يدور في عقلي، لم أتخيل أن تغادري يوماً، ولم أتوقع ذلك حتى. أهرمك الزمن ولم يعد باستطاعتك أن تمشي أو تتنفسي بحرية، خنقك الروتين، قتلتك الأدوية والحبوب الملونة مختلفة الأشكال والأحجام. حتى الهواء الرباني لم يعد باستطاعتك تنفسه طبيعياً، أعلم تحتاجين أوكسجين صناعي، وأرى الدمعة في عينيك حيرانة تسقط أم تبقى تزين جفنك المرهق.

حضورك كأنك غائبة، أعلم صدقيني ما يدور في خلدك، صعبٌ على الإنسان أن يكون حاكماً ويملك سلطة الأوامر والسيطرة الكاملة تحته، وفجأة، يغدر به المرض..الكبر..الضعف والوهن..فلا يستطيع إقناع نفسه أنه أصبح مكبلاً جيداً من ممارسة أساليبه السابقة في فرض الأحكام على الآخرين. أعرف، حياة غدراة، خادعة، مجرد وهم، تأخذ أكثر من أن تعطي.

علمتني جدتي أن لا أتوقف في طلب العلم، علمتني القراءة بعد أن كانت تقول ياليت الزمن يعود للخف كي أصاحب الكتب. حفظت ولله الحمد عشرة أجزاء من القرآن وهي في الستين من عمرها، وما زالت حفظها ربي تحفظ المزيد والمزيد، وأنا مازلت أحفظ في جزء عم وتبارك. علمتني الإصرار عندما بدأت تحاول أن تكتب إسمها فاطمة، رغم كبر سنها إلا أنها الآن أصبحت تكتب جيداً، ويقولون عندما تكبر تفقد مهارات الحفظ والتعلم، كلام خاطئ، فالإيمان بالنفس وقوة المعتقدات هي الطاقة اللانهائية في هذه الحياة.

تستيقظ في السحر وتصلي الوتر ثم الفجر وبعد الأذكار تراجع ما تيسر لها مما تحفظ من القرآن الكريم. تبدأ يومها بنشاط الشباب وتفائل، تلتقط الهاتف وتتحدث مع أشخاص تحبهم ويحبونها، لأنها متيقنة في أي وقت قد يتغمدها الله ويأخذ روحها، فتريد أن تتواصل بروحها معهم، تهتم وتسمع شكوى الآخرين وفيها من الألم والمرض مايعلم به الله، لكنها لا تبدي ذلك للناس أبداً.

تجلس في حوش البيت تحت الشمس ظهراً، لأنها تصر على أن تحصل على فيتامين د من الشمس، تضحكني عندما أسمعها تقول هذا السبب، وتبدأ في مصارعة الذباب، ولا أدري لماذا؟ لكنها تقول أن قتل الذباب وكشه من حولها أمر يسليها، لا بأس جدتي فاطمة ، افعلي ما يحلو لك.

يأتي الليل وهي تنتظره بفارغ الصبر وتقضي ليلها بالتأمل واستعادة الذكريات عن غزة فلسطين. استمتع بسماعها تتحدث عن ذكرياتك لأني أعيشها فعلاً. لجدتي صوت جميل وهي تتقن غناء الأرواح، فتخرج الكلمات بصدق وهدوء ورقة، وهي تنشد النشيد الوطني لفلسطين موطني، وبعض المواويل التي تعكس صبر وتحمل وألم اللاجئين الفلسطنين والشوق الحارق للعودة وتقبيل الأرض. أمنية جدتي هي أن تدفن بجانب جدي محمود رحمه الله بعد أن ذهبا سوياً لزيارة غزة، وعادت بدونه مكسورة القلب تائهه إلى قطر، كم مؤلم جداً ذلك.

حفظك الله جدتي وغفر ذنبك وطهر قلبك، وأطال عمرك، ورزقك الفردوس في الجنة...أحبك جدتي.

هناك 8 تعليقات:

  1. عبدالعزيز دلول31 مارس 2010 في 2:29 ص

    توفت جدتي منذ ٢٠ يوماً

    ردحذف
  2. توفت والدتي منذ شهرين
    لذلك أفهم شعورك جيدا
    اصبح منزلنا فارغا كالجسد بلا روح . هدوء قاتل , ومشاعر متضاربه . ذكريات تملأ اركان المنزل . مشاهد كأنها حقيقيه تلوح امام نظري كلما وضعت رأسي عالوساده حتى انام , ولكن من اين يأتي النوم !
    نحمد الله اننا نتعلم كيف نقدّر ما حولنا قبل ان نفقده . حمدا لله كثيرا .
    لقد تركت في ذاكرتك ما تنتفع به وتتعلم منه . اجعلوا لها صدقه جاريه , وكونوا اولادا صالحين يدعون لها .. فلن ينقطع عملها من وجه الدنيا مادمتم انتم عليها :) بإذن الله الواحد الأحد

    ردحذف
  3. عبدالعزيز دلول31 مارس 2010 في 2:29 م

    رحم الله جدتك يا أميمة ... جزاكم الله خيراً

    ردحذف
  4. إنها ( والدتي ) , وليست جدتي
    :)

    ردحذف
  5. أبكيتني :( دموعاً ودموعاً ..رحمها الله وأسكنها فسيح جناته

    ردحذف
  6. أحبك جدتي ... و أنا توفيت جدتي في 5-3-2011 ، كان يوماً مؤلم ومفجع ، الحمدلله أمره تعالى و انقضى ًكل نفس ذائقة الموت ، رحمها الله و غفر لها و وسع عليها و أسكنها الفردوس الأعلى من الجنة و رزقنا جميعا بها بصحبة الحبيب محمد عليه الصلاة و السلام تحت ظل عرش الرحمن

    اللهم اغفر لي و لوالدي و للمسلمين و المسلمات و للمؤمنين و المؤمنات الأحياء منا و الأموات
    آمين آمين آمين

    ردحذف
  7. غقر الله لها وأسكنها فسيح جناته

    ردحذف